مَلايِين مِن أَموَال الضَّرائب الأوروبِّيَّة تَذهَب لِإعْلانات تُروِّج لِاسْتهْلاك اللُّحوم
خَصَّص الاتِّحاد الأوروبِّيُّ فِي عام 2023 مَبلَغ قَدرِه 75 مِلْيون يُورُو لِدَعم المنْتجات الحيوانيَّة بِحَسب مُنَظمَة حُقُوق الحيوان الهولنْديَّة [1] Dier&Recht أُنفِقَ قُرَابَة 29 مِلْيونًا مِن إِجْماليِّ المبْلغ على حَمَلات دِعائِيَّة تَدعَم اِسْتهْلاك اللُّحوم أيْ مَا يُعَادِل ضَعْف الميزانيَّة اَلتِي أَنفَقت فِي عام 2022!1 وَممَّا يُثير الدَّهْشة أنَّ الاتِّحاد الأوروبِّيَّ اِخْتَار أن يَدعَم إِعْلانات هَذِه الصِّناعة المُلوِّثة فِي خِضمِّ الأزْمة المناخيَّة.
وَفِي اَلْعام الماضي اِضْطرَّ الاتِّحاد الأوروبِّيُّ أن يُنْفِق قَرابَة ال 143 مِلْيون يُورُو على دَعْم إِعْلانات مُنتجَات الزِّراعة الأوروبِّيَّة وصُرِف مَا يُعَادِل نِصْف ذَلِك المبْلغ على التَّرْويج لِلْمنْتجات الحيوانيَّة فِي تَقلُّص تدْريجيٍّ ومسْتَمرٍّ لِدَعم الفاكهة والْخضْراوات.
أَنيَا هازْكامب (مِن حِزْب الرِّفْق بِالْحيوان الهولنْديِّ) حَثَّت مُفوَّض اَلمُناخ السَّابق فرانْس تِيمْرمانْز ومفوَّض الزِّراعة يَانُوس وِجيهوفسْكي لِإلْغَاء دَعْم الاتِّحاد الأوروبِّيِّ للإعلانات المروِّجة لِلُّحوم. بدورهِ رَفْض تِيمْرمانْز إِيقَاف الدَّعْم وَعلَى الرَّغْم مِن أنَّ وِجيهوفسْكي أَعرَب عن رَغبَتِه فِي تَشجِيع التَّحَوُّل إِلى نِظَام غِذائيٍّ يَقُوم على النَّباتات إِلَّا أنَّ الدَّعْم المادِّيَّ لِتلْك الإعْلانات لَم يَتَوقَّف بَعْد.
اِنخِفاض فِي الطَّلب تُقابِله اَلمزِيد مِن الإعْلانات التَّرْويجيَّة
بِالْإمْكان الاطِّلاع على الدَّعْم اَلتِي تَلَقّتهُ مُخْتَلِف الإعْلانات فِي عام 2022 على مَوقِع المفوَّضيَّة الأوروبِّيَّة الإلكْترونيِّ. تمَّ إِطلَاق حَمَلات فِي كُلِّ قارَّات العالم بِاسْتثْناء القارَّة القطْبيَّة الجنوبيَّة تُروِّج لِمنْتجات مُلَوثَة لِلْبيئة وغيْر صَدِيقَة لِلْحيوانات. وقد تَعرَّض اَلكثِير مِن تِلْك الحملات إِلى النَّقْد مُسْبقًا كالْحمْلة اَلتِي تُروِّج لِلاعْتماد على اللُّحوم بِشَكل أَساسِي لِتلْبِية الحاجات الغذائيَّة وَالتِي موَّلهَا الاتِّحاد الأوروبِّيُّ بِمبْلغ 3,6 مَليون يُورُو [2].
ومع الانْخفاض الملْحوظ فِي مُسْتويات الاسْتهْلاك تَستَعِد اَلكثِير مِن الحملات التَّرْويجيَّة فِي أُورُوبا لِلتَّصَدِّي لِتراجع اِسْتهْلاك المنْتجات الحيوانيَّة وَعلَى الرَّغْم مِن أَنَّه يَتَوجَّب على الاتِّحاد الأوروبِّيِّ أن يُرحِّب بِذَلك الانْخفاض بِمَا أنَّ صِناعة المنْتجات الحيوانيَّة مَسؤُولة عن 84% مِن اِنْبعاثات الغازات اَلتِي تُسبِّب مُشْكِلة الاحْتباس الحراريِّ فِي حِين أَنهَا تُوفِّر مَا يُعَادِل 35% فقط مِن إِجْماليِّ اِحْتياجات السُّعْرات الحراريَّة [3]. كمَا أنَّ اَلكثِير مِن الأبْحاث بِمَا فِي ذَلِك أَبحَاث أُجرِيت بِالنِّيابة عن الاتِّحاد الأوروبِّيِّ تُشير إِلى ضَرُورَة الاعْتماد على أَنظِمة غِذائِيَّة قَائِمة على النَّباتات لِلْحدِّ مِن مُشْكِلة الاحْتباس الحراريِّ وَباقِي المشاكل المناخيَّة [4].
تَدعِي اللُّوبيات الدَّاعمة لِلْمزارع أَثنَاء تقْديمهَا على الدَّعْم الأوروبِّيِّ إِلى ضَرُورَة مُكَافحَة "الخُدع والْأخْبار الكاذبة" اِدَّعى الاتِّحاد البلْجيكيُّ لِصناعة الألْبان فِي اِسْتمارة قدَّمهَا لِطَلب الدَّعْم بِمبْلغ قِيمته 2.349.753 يُورُو أنَّ "وُجُود اَلكثِير مِن المعْلومات المغْلوطة فِي الإعْلام حَوْل هذَا الموْضوع يَتَسبَّب فِي قلق المسْتهْلكين". هُنَاك بِالْفِعْل اَلكثِير مِن المعْلومات المغْلوطة وَلكِن اَلكثِير مِنهَا يَأتِي مِن ذَلِك القطَاع كمَا يُوضِّح الفيدْيو فِي الأدْنى.
بَعْض الحملات
قَدَّم الاتِّحاد الأوروبِّيُّ مَبلَغ خمْسين أَلْف يُورُو لِمكافحة تَراجُع الطَّلب على لُحُوم الأرانب فِي السُّوق الاسْتهْلاكيَّة كمَا أنْفقوا 10 مَلايِين يُورُو على تَشجِيع الآبَاء اليافعين على شِرَاء اَلحلِيب لِأطْفالهم كمَا هُو اَلْحال فِي السِّنْغال وَساحِل اَلْعاج بدعوى أنَّ شُعوب تلك البِلاد "غَيْر نَاضِجة" مِن نَاحِية فَهمِ فوائِد الحليب و استهلاكه.
مُنَظمَة مُحبِّي لَحْم الخنْزير (1,4 مِلْيون) تُريد على سبيل المثَال تَنظِيم فعَّاليَّات مع وِرش عمل وأماكن لَعِب لِلْأطْفال يُدعَى إِليْهَا أيْضًا بَعْض العاملين فِي الحكومة. يَحصل الضُّيوف على هدايَا كَأقنِعة مُنَظمَة مُحبِّي لَحْم الخنْزير لِلْأطْفال وحقائب لِربَّات اَلمنْزِل كمَا يُورد نصَّ الدَّعْوة. بِالْفِعْل وَقحَة هِي لُوبيَات المزارع.
لََا بُدَّ مِن التَّغْيير
لََا بُدَّ مِن التَّغْيير يُصوِّر نَفسَه الاتِّحاد الأوروبِّيَّ على أَنَّه مُنَظمَة تُعير اِهْتمامًا كبيرًا لِلْعلْم والاسْتدامة فمثلا هُنَاك اَلكثِير مِن المشاريع الضَّخْمة لِمكافحة التَّضْليل والتَّرْويج لِمَا يُسمَّى ب الصَّفْقة الخضْراء. والْمفارقة هِي أنَّ الاتِّحاد الأوروبِّيَّ وَفِي ذات الوقْتِ يُنْفِق الملايين على دَعْم الصِّناعة الحيوانيَّة وَتحسِين صُورتِهَا وَهُو القطَاع المسْؤول عن قَتْل مَا يُقَارِب ال 8,4 مِلْيار حَيَوان بَرِّي والْعديد مِن الحيوانات البحريّة كُلَّ عامٍ.
وَلِهذَا فَإِن سِياسة أُورُوبا فِي التَّعامل مع القطَاع الزِّراعيِّ تَبدُو مُنفصلَة تمامًا عن المعْرفة العلْميَّة المتعلِّقة بِالْمناخ والطَّبيعة والْبَشر والْحيوانات. والْمَال لَيْس هُو المشْكلة حَيْث إِنَّ القطَاع الزِّراعيَّ لَه اَلحِصة الأكْبر مِن التَّكاليف اَلتِي يُنْفقهَا الاتِّحاد الأوروبِّيُّ بميزانيّة سنويّة تقدر بأَكثَر مِن 55 مِلْيون يُورُو يُنْفَق مِنهَا 82% على المنْتجات الحيوانيَّة [5]. وَعلَى الرَّغْم مِن ذَلِك اِنخفَض عدد المزارعين بِنسْبة 40% بَيْن عَامَي 2005 و 2020. والْمسبِّب الأوَّل لِذَلك هُو لَيْس التَّشْريعات المعْنيَّة بِحماية الطَّبيعة بل المنافسة الجائرة وغيْر العادلة اَلتِي تَمنَح هَامِش حُرِّيَّات ضَخْم لِلْقطَاع الزِّراعيِّ.
لَقد حان الوقْتُ لِوَضع حدٍّ لِلسِّياسات الزِّراعيَّة الأوروبِّيَّة اَلتِي سَادَت اَلعُقود الماضية. وَقْف دَعْم الإعْلانات المروِّجة لِاسْتهْلاك اللُّحوم أقَد أصبَحَ مِنَ البَديهيّات الضروريّة.
الانْتخابات
ستنْعَقد اِنْتخابات البرْلمان الأوروبِّيِّ بَيْن 6 و 9 مِن حُزيْرَان. هَذِه فُرْصتكم لِلتَّعْبير عن دعْمكم لِلْحيوانات وكوْكب الأرْض وَفُرصَة لِمواجهة لُوبيَات المزارع. الحيوانات لََا يُمْكنهَا أن تَخْتار لَكِن أنْتَ بِإمْكانك!
[1] dierenrecht.nl/news-articles/millions-euros-more-subsidy-to-meat-and-dairy-advertisements
[2] viva.org.uk/media-centre/response-european-commission-backs-become-a-beefatarian-campaign/
[3] nature.com/articles/s43016-024-00949-4.epdf
[4] eea.europa.eu/publications/transforming-europes-food-system