مزيد من المستشفيات تتحول نحو الطعام نباتي المنشأ

لقد بات من الصعب الآن إنكار حقيقة أن النظام الغذائي النباتي أمرا ضروريا للحد من أزمة المناخ والتنوع البيولوجي. ولكننا بتنا نعلم أيضًا المزيد عن الفوائد الصحية لذلك النظام على البشر. إذ تظهر المزيد من الدراسات أن الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا لا يتمتعون بصحة جيدة فقط مثل أولئك الذين يتناولون اللحوم، بل يتمتعون حتى بصحة أفضل. وعلى ضوء ذلك، فقد باتت كثير من المستشفيات تدرك الفوائد الصحية للتغذية ذات المنشأ النباتي وبدأت تدريجيا في حظر المنتجات ذي المنشأ الحيواني من مقاصفها.

أصبحت سلسلة مستشفيات سانتا كلارا فالي للرعاية الصحية (SCVH) في كاليفورنيا مؤخرًا أول سلسلة للصحة العامة في الولايات المتحدة تقدم برنامج الوجبات النباتية الشاملة Universal Meals. تم تطوير Universal Meals خصيصًا للمؤسسات مثل المستشفيات والمدارس والفنادق لتقديم أكثر عروض الطعام شمولًا للموظفين والعملاء. ويوفر البرنامج كل من وصفات الطعام والنصائح في إعدادها، بالإضافة الى التسويق المجاني. وتم إطلاق برنامج Universal Meals في عام 2021 من قبل لجنة الأطباء للطب المسؤول. وتمثل اللجنة 17,000 طبيب يدعمون ويروجون للتأثيرات الصحية على نمط الحياة القائم على النباتات.

ويعتبر إدخال برنامج الوجبات الشاملة Universal Meals في سلسلة المستشفيات المذكورة في كاليفورنيا أيضًا جزءا من التزام سلسلة المستشفيات هذه بقضية المناخ، بهدف الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50٪ بحلول عام 2030 وتقليلها حتى نسبة الصفر بحلول عام 2050.

الاتجاه العالمي

ولا تعتبر سلسلة المستشفيات في كاليفورنيا أول مزود للرعاية الصحية يدرك قيمة التغذية القائمة على النبات. فقد تم تطبيق برنامج الوجبات الشاملة Universal Meals سابقًا في مستشفيين مستقلين في الولايات المتحدة: مركز جامعة راش الطبي في شيكاغو ومستشفى جامعة إموري في أتلانتا.

أما في مدينة نيويورك، تحت إدارة رئيس البلدية النباتي الصريح إريك آدامز، تم تقديم برنامج مماثل في المستشفيات هناك. ففي أكتوبر 2022، أعلنت المدينة أنه ابتداءً من ذلك التاريخ، ستقدم جميع المستشفيات العامة في المدينة وجبات نباتية ثابتة. إلا أنه لا يزال بإمكان المرضى طلب اللحوم، ولكن 60٪ منهم اختاروا الوجبات النباتية، وأعربت الغالبية العظمى منهم عن رضاها عن اختيارها.

ولا تعتبرالولايات المتحدة البلد الأول الذي تتجرأ فيه المستشفيات على اتخاذ مثل هذه الخطوة. ففي شهر مارس 2021، قرر مستشفى حايك اللبناني الخاص في بيروت أن يكون أول مستشفى في العالم يقدم فقط خيارات طعام نباتية بالكامل لمرضاه.

وجاء في بيان صدر عن المستشفى: "في العام الماضي، قدمنا لمرضانا خيارات بين تناول الوجبات بمكونات حيوانية وبين الوجبات النباتية. وخلال هذه المرحلة الانتقالية، قمنا بتعريف مرضانا بالفوائد الصحية للنظام الغذائي المحتوي فقط على الأطعمة النباتية وغير المعالجة، في مقابل مخاطر النظام الغذائي الذي يحتوي على منتجات حيوانية. إننا نعتقد أنه قد حان الوقت لمعالجة أسباب الأمراض والجوائح، وليس فقط معالجة الأعراض."

أما في هولندا أيضًا، فتتعالى الأصوات من أجل اعتماد التغذية النباتية داخل المستشفيات. فقد أصدرت جمعية الأطباء (Caring Doctors) مذكرة آخر العام الماضي تدعو فيها إلى اتباع نظام غذائي يحتوي على كميات أقل من البروتين الحيواني. ويوضح جراح العظام باتريك ديكرز ذلك قائلاً: "سيزداد عدد المرضى الذين يعانون من أمراض رغد العيش كالسكري والسرطان بشكل كبير خلال السنوات القادمة. ولن يكون عندها من الممكن توفير مستويات الرعاية الحالية، وكذلك نتيجة لنقص العاملين في هذا المجال. ولقد بات من المعروف على نطاق واسع أن اتباع نمط عيش صحي يؤدي إلى تقليل أعباء الرعاية واستخدام أقل للأدوية. إلا أن الاستثمار في أساليب الوقاية لا يزال ضئيلًا. فعلى سبيل المثال، تجد أشخاصا يخضعون حاليا لجراحة مكلفة لسرطان القولون، وبعد مضي يومين فقط يتناولون النقانق في المستشفى".

الفوائد الصحية للنظام الغذائي القائم على النبات

وتشير الأبحاث إلى أن العديد من الحالات الصحية الشائعة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وبعض أنواع السرطان وهشاشة العظام والمشاكل العصبية تظهر غالبًا نتيجة لتناول الكثير من المنتجات الحيوانية ضمن النظام الغذائي. في حين أن النظام الغذائي المعتمد بشكل كبيرعلى النبات واستهلاك المزيد من الفواكه والخضروات يعزز فرص الشفاء من المشاكل الصحية.

ومن خلال تقديم الطعام غير المعالج والمعتمد على النبات في المستشفيات والمؤسسات الصحية، فإن شفاء المرضى يحدث بوتيرة أسرع. كما أن ذلك يساهم في عملية الوقاية: فكلما اعتمد المزيد من الناس نمط حياة صحي قائم على النبات، كلما قل الضغط على نظام الرعاية الصحية.